إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
درس في الجمعة مع بلوغ المرام
8067 مشاهدة print word pdf
line-top
التحذير من ترك صلاة الجمعة


نختم بهذا الباب بباب الصلاة في الجمعة. فعن عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين رواه مسلم .
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا، والذي يقول له: أنصت، ليست له جمعة رواه أحمد بإسناد لا بأس به .
وهو يفسر حديث أبي هريرة في الصحيحين مرفوعا: إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب، فقد لغوت .
وعن جابر رضي الله عنه قال: دخل رجل يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب. فقال: صليت؟ قال: لا. قال: قم صل ركعتين متفق عليه .


صلاة الجمعة من جملة الفرائض فرضها الله تعالى، وحث على حضورها. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ؛ يعني اتركوا أموالكم وتجارتكم وحرفتكم وأعمالكم، واسعوا إلى ذكر الله. ذكر الله يدخل فيه الأذان فإنه ذكر، والخطبة ذكر، والقراءة في الصلاة حيث يجهر الإمام بها فهي من الذكر، والأذكار التي في الصلاة كلها من الذكر. يؤمر المسلم إذا سمع النداء أن يسرع إلى الصلاة سواء الجمعة أو غيرها؛ حتى يؤدي ما فرض الله عليه.
هذا الحديث يدل على آكدية الجمعة، والوعيد الشديد لمن تهاون بها وتساهل في أمرها. وخطب بهذا الحديث على المنبر لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات -يعني عن تركهم وتفريطهم في الجمعات- أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين يعم ذلك كل من ترك الجمعة وهو يقدر عليها، وليس عليه مشقة في الإتيان إليها ولو كان بعيدا.
في العهد النبوي المدينة متباعدة الأطراف، ما فيها إلا جمعة واحدة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يأتون من العوالي العوالي في ذلك الوقت مسيرة ساعتين أبعدها. يمشون ساعتين على أرجلهم إلى أن يصلوا إلى المسجد النبوي ؛ ليؤدوا الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم. لا شك أنه ينالهم شيء من المشقة ولكن يتحملون ويصبرون، ويحتسبون هذا التعب. يمشون ساعتين للمسجد، وساعتين إذا رجعوا إلى أهلهم.
ورد في بعض الآثار عن ابن عباس أنه قال: الجمعة على من أواه الليل إلى أهله؛ المعنى إذا كان إنسان في بادية، ودخلت عليه الجمعة لزمته إذا كان مسير آخر النهار يوصله إلى أهله. لو فرضنا مثلا أنه انتهى من صلاة الجمعة الساعة الواحدة ظهرا، صلى. إذا رجع إلى أهله وصل إليهم قبل الساعة الخامسة لزمته؛ لأنه والحال هذه لا مشقة عليه؛ يعني يتحمل كل أسبوع أن يأتي إلى الجامع، ويؤدي هذه الصلاة مع الجماعة.
يتحمل المشقة، سواء كان يمشي على قدميه كحال كثير من الصحابة، أو يركب على الخيل أو على الإبل أو على الحمر، أو في هذه الأزمنة يركب السيارة التي يسرها الله تعالى في القريب والبعيد، ويسر أنها توصل الإنسان بسرعة. وهي والحمد لله متوفرة، أصبح أدنى الناس يستطيع أن يحصل على السيارة، يقطع عليها المسافات ويأتي إلى أغراضه، ويرجع في وقت سريع، لا يكون هناك شغل يشغله. فنقول: إن الذين يتركون الجمعة بحجة أنها بعيدة لا عذر لهم، وليسوا صادقين.
إذا كان الصحابة يمشون ساعتين من بيوتهم إلى المسجد إلى الجامع، وقد يمشي بعضهم أربع ساعات إذا رجع. يمشي من الساعة الواحدة إلى الساعة الخامسة وهو يواصل سيره؛ ذلك دليل على أنهم يهتمون بهذه الصلاة؛ فنقول: إن كثيرا من الناس يخرجون خارج البلد ومعهم سيارات، وبينهم وبين المسجد الجامع أقل من ساعتين، بل قد لا يكون بينهم وبين الجامع إلا نصف ساعة على السيارة؛ فمثل هؤلاء لا تسقط عنهم الجمعة. ولو قالوا: إننا خارجين، إننا في برِّيَّة، إننا فيما يسمى بالكشتة يعني نزهة، لا شك أن هذا تفريط، فإذا خرجوا فإنهم يرجعون وقت الصلاة إلى أقرب مسجد حولهم ويؤدون الصلاة فيه، ولا يجوز لهم الاستمرار على ترك الجمع، ورد حديث من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه .
قد يعتذرون ويقولون: إن معنا أطفالا ومعنا نساء، وإذا تركناهم نخشى عليهم. فأولا- نقول: ليس هذا دائما، كثير من الناس يخرجون، وليس معهم نساء، كلهم شباب وكلهم رجال أقوياء، ومع ذلك لا يصلون، يقولون: إننا بعيد، بيننا وبين الجامع مثلا أربعين كيلو أو خمسين كيلو، أو نحو ذلك؛ يعتبر هذا تفريطا وإهمالا يستحقون عليه الوعيد. إذا كان كذلك فلا مشقة في أن المسلم يحتسب، ويأتي إلى المسجد ويصلي، ويرجع إلى نزهته، يرجع إلى مخيمه.
وإذا خافوا على المخيم، إذا كان لهم خيام تركوا عنده حارسا واحدا، والبقية يركبون السيارة ويأتون إلى المسجد ليصلوا فيه. والغالب أيضا أنهم ما يكون معهم شيء، يخرجون من سيارتهم، فيفرشون فراشة فيجلسون عليه يتفكهون ويتكلمون، أو يلعبون أو ما أشبه ذلك؛ وهم مع ذلك يتركون الصلاة بحجة بينا وبين المسجد خمسين كيلو ستين كيلو مائة كيلو، كل هذه يسيرة تقطعونها في ساعة أو في أقل من ساعة.
أين أنتم من الصحابة الذين يمشون على أقدامهم ساعتين أو ثلاث ساعات، أو أكثر أو أقل؟ ليس عليكم مشقة في أن تركبوا سياراتكم وقت الجمعة، وتأتون إلى المسجد الذي تقام فيه الجمعة، سواء في بلادكم التي خرجتم منها، أو في مسجد آخر في بلد أخرى. الجمعة يسميها العامة حجة الضعيف؛ يعني أنها تقوم مقام حج .. يدل على فضلها، ففيها فضل كبير.

line-bottom